الجمع الحاوي لأنظار الطحاوي
بسم الله الرحمن الرحيم
(١) حكم سؤر الهر
[عند الأئمة الثلاثة وأبي يوسف: طاهر. وعند الطرفين مكروه تحريما (الطحاوي) أو تنزيها (الكرخي) ]
ﻭﻗﺪ ﺷﺪ ﻫﺬا اﻟﻘﻮﻝ اﻟﻨﻈﺮ اﻟﺼﺤﻴﺢ , ﻭﺫﻟﻚ إﻧﺎ ﺭﺃﻳﻨﺎ اﻟﻠﺤﻤﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺃﺭﺑﻌﺔ ﺃﻭﺟﻪ، ﻓﻤﻨﻬﺎ ﻟﺤﻢ ﻃﺎﻫﺮ ﻣﺄﻛﻮﻝ , ﻭﻫﻮ ﻟﺤﻢ اﻹﺑﻞ ﻭاﻟﺒﻘﺮ ﻭاﻟﻐﻨﻢ , ﻓﺴﺆﺭ ﺫﻟﻚ ﻛﻠﻪ ﻃﺎﻫﺮ , ﻷﻧﻪ ﻣﺎﺱ ﻟﺤﻤﺎ ﻃﺎﻫﺮا. ﻭﻣﻨﻬﺎ ﻟﺤﻢ ﻃﺎﻫﺮ ﻏﻴﺮ ﻣﺄﻛﻮﻝ ﻭﻫﻮ ﻟﺤﻢ ﺑﻨﻲ ﺁﺩﻡ ﻭﺳﺆﺭﻫﻢ ﻃﺎﻫﺮ , ﻷﻧﻪ ﻣﺎﺱ ﻟﺤﻤﺎ ﻃﺎﻫﺮا. ﻭﻣﻨﻬﺎ ﻟﺤﻢ ﺣﺮاﻡ , ﻭﻫﻮ ﻟﺤﻢ اﻟﺨﻨﺰﻳﺮ ﻭاﻟﻜﻠﺐ , ﻓﺴﺆﺭ ﺫﻟﻚ ﺣﺮاﻡ , ﻷﻧﻪ ﻣﺎﺱ ﻟﺤﻤﺎ ﺣﺮاﻣﺎ. ﻓﻜﺎﻥ ﺣﻜﻢ ﻣﺎ ﻣﺎﺱ ﻫﺬﻩ اﻟﻠﺤﻤﺎﻥ اﻟﺜﻼﺛﺔ ﻛﻤﺎ ﺫﻛﺮﻧﺎ , ﻳﻜﻮﻥ ﺣﻜﻤﻪ ﺣﻜﻤﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻄﻬﺎﺭﺓ ﻭاﻟﺘﺤﺮﻳﻢ. ﻭﻣﻦ اﻟﻠﺤﻤﺎﻥ ﺃﻳﻀﺎ ﻟﺤﻢ ﻗﺪ ﻧﻬﻲ ﻋﻦ ﺃﻛﻠﻪ , ﻭﻫﻮ ﻟﺤﻢ اﻟﺤﻤﺮ اﻷﻫﻠﻴﺔ ﻭﻛﻞ ﺫﻱ ﻧﺎﺏ ﻣﻦ اﻟﺴﺒﺎﻉ ﺃﻳﻀﺎ. ﻭﻣﻦ ﺫﻟﻚ اﻟﺴﻨﻮﺭ ﻭﻣﺎ ﺃﺷﺒﻬﻪ , ﻓﻜﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﻣﻨﻬﻴﺎ ﻋﻨﻪ , ﻣﻤﻨﻮﻋﺎ ﻣﻦ ﺃﻛﻞ ﻟﺤﻤﻪ ﺑﺎﻟﺴﻨﺔ. ﻭﻛﺎﻥ ﻓﻲ اﻟﻨﻈﺮ ﺃﻳﻀﺎ ﺳﺆﺭ ﺫﻟﻚ ﺣﻜﻤﻪ ﺣﻜﻢ ﻟﺤﻤﻪ , ﻷﻧﻪ ﻣﺎﺱ ﻟﺤﻤﺎ ﻣﻜﺮﻭﻫﺎ , ﻓﺼﺎﺭ ﺣﻜﻤﻪ ﺣﻜﻤﻪ ﻛﻤﺎ ﺻﺎﺭ ﺣﻜﻢ ﻣﺎ ﻣﺎﺱ اﻟﻠﺤﻤﺎﻥ اﻟﺜﻼﺙ اﻷﻭﻝ ﺣﻜﻤﻬﺎ. ﻓﺜﺒﺖ ﺑﺬﻟﻚ ﻛﺮاﻫﺔ ﺳﺆﺭ اﻟﺴﻨﻮﺭ , ﻓﺒﻬﺬا ﻧﺄﺧﺬ , ﻭﻫﻮ ﻗﻮﻝ ﺃﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﺭﺣﻤﺔ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ
(٢) حكم سؤر الكلب
[❶عند مالك طاهر، وعند الجمهور نجس
❷عند الشافعي يغسل سبعا و أحمد مع التتريب و الأحناف ثلاثا ❊]
ﻭﺃﻣﺎ اﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﻓﻘﺪ ﻛﻔﺎﻧﺎ اﻟﻜﻼﻡ ﻓﻴﻪ ﻣﺎ ﺑﻴﻨﺎ ﻣﻦ ﺣﻜﻢ اﻟﻠﺤﻤﺎﻥ ﻓﻲ ﺑﺎﺏ ﺳﺆﺭ اﻟﻬﺮ
(فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بغسلها ثلاثا، وكان ذلك طهارتها من الغائط أو البول إن كان أصابها. فلما كان ذلك يطهر من البول والغائط وهما أغلظ النجاسات , كان أحرى أن يطهر بما هو دون ذلك من النجاسات.)
(٣) حكم سؤر الآدمي
[عند أحمد وإسحاق لا يجوز وضوء الرجل بفضل طهور المرأة إذا خلت به وعند الجمهور يجوز]
ﻓﻮﺟﺐ اﻟﻨﻈﺮ ﻫﺎﻫﻨﺎ ﻟﻨﺴﺘﺨﺮﺝ ﺑﻪ ﻣﻦ اﻟﻤﻌﻨﻴﻴﻦ اﻟﻤﺘﻀﺎﺩﻳﻦ ﻣﻌﻨﻰ ﺻﺤﻴﺤﺎ. ﻓﻮﺟﺪﻧﺎ اﻷﺻﻞ اﻟﻤﺘﻔﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻥ اﻟﺮﺟﻞ ﻭاﻟﻤﺮﺃﺓ ﺇﺫا ﺃﺧﺬا ﺑﺄﻳﺪﻳﻬﻤﺎ اﻟﻤﺎء ﻣﻌﺎ ﻣﻦ ﺇﻧﺎء ﻭاﺣﺪ ﺃﻥ ﺫﻟﻚ ﻻ ﻳﻨﺠﺲ اﻟﻤﺎء. ﻭﺭﺃﻳﻨﺎ اﻟﻨﺠﺎﺳﺎﺕ ﻛﻠﻬﺎ ﺇﺫا ﻭﻗﻌﺖ ﻓﻲ اﻟﻤﺎء ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﺘﻮﺿﺄ ﻣﻨﻪ ﺃﻭ ﻣﻊ اﻟﺘﻮﺿﺆ ﻣﻨﻪ ﺃﻥ ﺣﻜﻢ ﺫﻟﻚ ﺳﻮاء. ﻓﻠﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﻛﺬﻟﻚ ; ﻭﻛﺎﻥ ﻭﺿﻮء ﻛﻞ ﻭاﺣﺪ ﻣﻦ اﻟﺮﺟﻞ ﻭاﻟﻤﺮﺃﺓ ﻣﻊ ﺻﺎﺣﺒﻪ ﻻ ﻳﻨﺠﺲ اﻟﻤﺎء ﻋﻠﻴﻪ ﻛﺎﻥ ﻭﺿﻮءﻩ ﺑﻌﺪﻩ ﻣﻦ ﺳﺆﺭﻩ ﻓﻲ اﻟﻨﻈﺮ ﺃﻳﻀﺎ ﻛﺬﻟﻚ. ﻓﺜﺒﺖ ﺑﻬﺬا ﻣﺎ ﺫﻫﺐ ﺇﻟﻴﻪ اﻟﻔﺮﻳﻖ اﻵﺧﺮ , ﻭﻫﻮ ﻗﻮﻝ ﺃﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ , ﻭﺃﺑﻲ ﻳﻮﺳﻒ , ﻭﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ اﻟﺤﺴﻦ ﺭﺣﻤﻬﻢ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ
(٤) التسمية علي الوضوء
[عند أهل الظاهر وإسحاق وأحمد في رواية: واجب
وعند الجمهور سنة]
ﻭﺃﻣﺎ ﻭﺟﻪ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﻨﻈﺮ، ﻓﺈﻧﺎ ﺭﺃﻳﻨﺎ ﺃﺷﻴﺎء ﻻ ﻳﺪﺧﻞ ﻓﻴﻬﺎ ﺇﻻ ﺑﻜﻼﻡ. ﻣﻨﻬﺎ اﻟﻌﻘﻮﺩ اﻟﺘﻲ ﻳﻌﻘﺪﻫﺎ ﺑﻌﺾ اﻟﻨﺎﺱ ﻟﺒﻌﺾ ﻣﻦ اﻟﺒﻴﺎﻋﺎﺕ ﻭاﻹﺟﺎﺭاﺕ ﻭاﻟﻤﻨﺎﻛﺤﺎﺕ ﻭاﻟﺨﻠﻊ ﻭﻣﺎ ﺃﺷﺒﻪ ﺫﻟﻚ. ﻓﻜﺎﻧﺖ ﺗﻠﻚ اﻷﺷﻴﺎء ﻻ ﺗﺠﺐ ﺇﻻ ﺑﺄﻗﻮاﻝ، ﻭﻛﺎﻧﺖ اﻷﻗﻮاﻝ ﻣﻨﻬﺎ ﺇﻳﺠﺎﺏ , ﻷﻧﻪ ﻳﻘﻮﻝ (ﻗﺪ ﺑﻌﺘﻚ , ﻗﺪ ﺯﻭﺟﺘﻚ , ﻗﺪ ﺧﻠﻌﺘﻚ) . ﻓﺘﻠﻚ ﺃﻗﻮاﻝ ﻓﻴﻬﺎ ﺫﻛﺮ اﻟﻌﻘﻮﺩ ﻭﺃﺷﻴﺎء ﺗﺪﺧﻞ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﺄﻗﻮاﻝ ﻭﻫﻲ اﻟﺼﻼﺓ ﻭاﻟﺤﺞ , ﻓﺘﺪﺧﻞ ﻓﻲ اﻟﺼﻼﺓ ﺑﺎﻟﺘﻜﺒﻴﺮ , ﻭﻓﻲ اﻟﺤﺞ ﺑﺎﻟﺘﻠﺒﻴﺔ. ﻓﻜﺎﻥ اﻟﺘﻜﺒﻴﺮ ﻓﻲ اﻟﺼﻼﺓ ﻭاﻟﺘﻠﺒﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺤﺞ ﺭﻛﻨﺎ ﻣﻦ ﺃﺭﻛﺎﻧﻬﺎ. ﺛﻢ ﺭﺟﻌﻨﺎ ﺇﻟﻰ اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻮﺿﻮء , ﻫﻞ ﺗﺸﺒﻪ ﺷﻴﺌﺎ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ؟ ﻓﺮﺃﻳﻨﺎﻫﺎ ﻏﻴﺮ ﻣﺬﻛﻮﺭ ﻓﻴﻬﺎ ﺇﻳﺠﺎﺏ ﺷﻲء ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻓﻲ اﻟﻨﻜﺎﺡ ﻭاﻟﺒﻴﻮﻉ. ﻓﺨﺮﺟﺖ اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻟﺬﻟﻚ ﻣﻦ ﺣﻜﻢ ﻣﺎ ﻭﺿﻌﻨﺎ , ﻭﻟﻢ ﺗﻜﻦ اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﺃﻳﻀﺎ ﺭﻛﻨﺎ ﻣﻦ ﺃﺭﻛﺎﻥ اﻟﻮﺿﻮء ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻥ اﻟﺘﻜﺒﻴﺮ ﺭﻛﻨﺎ ﻣﻦ ﺃﺭﻛﺎﻥ اﻟﺼﻼﺓ , ﻭﻛﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺘﻠﺒﻴﺔ ﺭﻛﻨﺎ ﻣﻦ ﺃﺭﻛﺎﻥ اﻟﺤﺞ , ﻓﺨﺮﺝ ﺃﻳﻀﺎ ﺑﺬﻟﻚ ﺣﻜﻤﻬﺎ ﻣﻦ ﺣﻜﻢ اﻟﺘﻜﺒﻴﺮ ﻭاﻟﺘﻠﺒﻴﺔ. ﻓﺒﻄﻞ ﺑﺬﻟﻚ ﻗﻮﻝ ﻣﻦ ﻗﺎﻝ: ﺇﻧﻪ ﻻ ﺑﺪ ﻣﻨﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻮﺿﻮء ﻛﻤﺎ ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻷﺷﻴﺎء ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻌﻤﻞ ﻓﻴﻪ.
ﻓﺈﻥ ﻗﺎﻝ ﻗﺎﺋﻞ: ﻓﺈﻧﺎ ﻗﺪ ﺭﺃﻳﻨﺎ اﻟﺬﺑﻴﺤﺔ ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻋﻨﺪﻫﺎ , ﻭﻣﻦ ﺗﺮﻙ ﺫﻟﻚ ﻣﺘﻌﻤﺪا ﻟﻢ ﺗﺆﻛﻞ ﺫﺑﻴﺤﺘﻪ , ﻓﺎﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﺃﻳﻀﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻮﺿﻮء ﻛﺬﻟﻚ.
ﻗﻴﻞ ﻟﻪ: ﻣﺎ ﺛﺒﺖ ﻓﻲ ﺣﻜﻢ اﻟﻨﻈﺮ ﺃﻥ ﻣﻦ ﺗﺮﻙ اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺬﺑﻴﺤﺔ ﻣﺘﻌﻤﺪا ﺃﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﺆﻛﻞ , ﻟﻘﺪ ﺗﻨﺎﺯﻉ اﻟﻨﺎﺱ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ. ﻓﻘﺎﻝ ﺑﻌﻀﻬﻢ: ﺗﺆﻛﻞ. ﻭﻗﺎﻝ ﺑﻌﻀﻬﻢ: ﻻ ﺗﺆﻛﻞ. ﻓﺄﻣﺎ ﻣﻦ ﻗﺎﻝ: ﺗﺆﻛﻞ ﻓﻘﺪ ﻛﻔﻴﻨﺎ اﻟﺒﻴﺎﻥ ﻟﻘﻮﻟﻪ. ﻭﺃﻣﺎ ﻣﻦ ﻗﺎﻝ: ﻻ ﺗﺆﻛﻞ , ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻘﻮﻝ: ﺇﻥ ﺗﺮﻛﻬﺎ ﻧﺎﺳﻴﺎ ﺗﺆﻛﻞ , ﻭﺳﻮاء ﻋﻨﺪﻩ ﻛﺎﻥ اﻟﺬاﺑﺢ ﻣﺴﻠﻤﺎ ﺃﻭ ﻛﺎﻓﺮا , ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻛﺘﺎﺑﻴﺎ. ﻓﺠﻌﻠﺖ اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻫﺎﻫﻨﺎ ﻓﻲ ﻗﻮﻝ ﻣﻦ ﺃﻭﺟﺒﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺬﺑﻴﺤﺔ , ﺇﻧﻤﺎ ﻫﻲ ﻟﺒﻴﺎﻥ اﻟﻤﻠﺔ. ﻓﺈﺫا ﺳﻤﻰ اﻟﺬاﺑﺢ ﺻﺎﺭﺕ ﺫﺑﻴﺤﺘﻪ ﻣﻦ ﺫﺑﺎﺋﺢ اﻟﻤﻠﺔ اﻟﻤﺄﻛﻮﻟﺔ ﺫﺑﻴﺤﺘﻬﺎ، ﻭﺇﺫا ﻟﻢ ﻳﺴﻢ ﺟﻌﻠﺖ ﻣﻦ ﺫﺑﺎﺋﺢ اﻟﻤﻠﻞ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺆﻛﻞ ﺫﺑﺎﺋﺤﻬﺎ. ﻭاﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻮﺿﻮء ﻟﻴﺲ ﻟﻠﻤﻠﺔ ﺇﻧﻤﺎ ﻫﻲ ﻣﺠﻌﻮﻟﺔ ﻟﺬﻛﺮ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﺐ ﻣﻦ ﺃﺳﺒﺎﺏ اﻟﺼﻼﺓ،
ﻓﺮﺃﻳﻨﺎ ﻣﻦ ﺃﺳﺒﺎﺏ اﻟﺼﻼﺓ اﻟﻮﺿﻮء ﻭﺳﺘﺮ اﻟﻌﻮﺭﺓ , ﻓﻜﺎﻥ ﻣﻦ ﺳﺘﺮ ﻋﻮﺭﺗﻪ ﻻ ﺑﺘﺴﻤﻴﺔ , ﻟﻢ ﻳﻀﺮﻩ ﺫﻟﻚ. ﻓﺎﻟﻨﻈﺮ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ , ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﺗﻄﻬﺮ ﺃﻳﻀﺎ ﻻ ﺑﺘﺴﻤﻴﺔ , ﻟﻢ ﻳﻀﺮﻩ ﺫﻟﻚ. ﻭﻫﺬا ﻗﻮﻝ ﺃﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ , ﻭﺃﺑﻲ ﻳﻮﺳﻒ , ﻭﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ اﻟﺤﺴﻦ ﺭﺣﻤﻬﻢ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ
(٥) مقدار فرض مسح الرأس في الوضوء
[عند مالك كله، وعند الشافعي ثلاث شعرات وعند الأحناف وبعض الحنابلة مقدار الناصية وهو الربع]
ﻭﺃﻣﺎ ﻣﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﻨﻈﺮ , ﻓﺈﻧﺎ ﺭﺃﻳﻨﺎ اﻟﻮﺿﻮء ﻳﺠﺐ ﻓﻲ ﺃﻋﻀﺎء. ﻓﻤﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﺣﻜﻤﻪ ﺃﻥ ﻳﻐﺴﻞ , ﻭﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﺣﻜﻤﻪ ﺃﻥ ﻳﻤﺴﺢ. ﻓﺄﻣﺎ ﻣﺎ ﺣﻜﻤﻪ ﺃﻥ ﻳﻐﺴﻞ ﻓﺎﻟﻮﺟﻪ ﻭاﻟﻴﺪاﻥ ﻭاﻟﺮﺟﻼﻥ ﻓﻲ ﻗﻮﻝ ﻣﻦ ﻳﻮﺟﺐ ﻏﺴﻠﻬﻤﺎ. ﻓﻜﻞ ﻗﺪ ﺃﺟﻤﻊ ﺃﻥ ﻣﺎ ﻭﺟﺐ ﻏﺴﻠﻪ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻓﻼ ﺑﺪ ﻣﻦ ﻏﺴﻠﻪ ﻛﻠﻪ ﻭﻻ ﻳﺠﺰﺉ ﻏﺴﻞ ﺑﻌﻀﻪ ﺩﻭﻥ ﺑﻌﺾ، ﻭﻛﻞ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﺎ ﻭﺟﺐ ﻣﺴﺤﻪ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ , ﻭﻫﻮ اﻟﺮﺃﺱ. ﻓﻘﺎﻝ ﻗﻮﻡ: ﺣﻜﻤﻪ ﺃﻥ ﻳﻤﺴﺢ ﻛﻠﻪ ﻛﻤﺎ ﺗﻐﺴﻞ ﺗﻠﻚ اﻷﻋﻀﺎء ﻛﻠﻬﺎ , ﻭﻗﺎﻝ ﺁﺧﺮﻭﻥ: ﻳﻤﺴﺢ ﺑﻌﻀﻪ ﺩﻭﻥ ﺑﻌﻀﻪ. ﻓﻨﻈﺮﻧﺎ ﻓﻲ ﺣﻜﻢ اﻟﻤﺴﺢ ﻛﻴﻒ ﻫﻮ؟ ﻓﺮﺃﻳﻨﺎ ﺣﻜﻢ اﻟﻤﺴﺢ ﻋﻠﻰ اﻟﺨﻔﻴﻦ ﻗﺪ اﺧﺘﻠﻒ ﻓﻴﻪ. ﻓﻘﺎﻝ ﻗﻮﻡ: ﻳﻤﺴﺢ ﻇﺎﻫﺮﻫﻤﺎ ﺩﻭﻥ ﺑﺎﻃﻨﻬﻤﺎ , ﻭﻗﺎﻝ ﺁﺧﺮﻭﻥ: ﻳﻤﺴﺢ ﻇﺎﻫﺮﻫﻤﺎ ﺩﻭﻥ ﺑﺎﻃﻨﻬﻤﺎ. ﻓﻜﻞ ﻗﺪ اﺗﻔﻖ ﺃﻥ ﻓﺮﺽ اﻟﻤﺴﺢ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﻫﻮ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﻀﻬﻤﺎ ﺩﻭﻥ ﻣﺴﺢ ﻛﻠﻬﻤﺎ. ﻓﺎﻟﻨﻈﺮ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻛﺬﻟﻚ ﺣﻜﻢ ﻣﺴﺢ اﻟﺮﺃﺱ , ﻫﻮ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﻀﻪ ﺩﻭﻥ ﺑﻌﺾ , ﻗﻴﺎﺳﺎ ﻭﻧﻈﺮا , ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺑﻴﻨﺎ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ. ﻭﻫﺬا ﻗﻮﻝ ﺃﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ , ﻭﺃﺑﻲ ﻳﻮﺳﻒ , ﻭﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ اﻟﺤﺴﻦ ﺭﺣﻤﻬﻢ اﻟﻠﻪ.
(٦) حكم الأذنين في وضوء الصلاة
[عند الزهري وداود الظاهري يغسلان مع الوجه وعند إسحاق يمسح ظاهرهما مع الرأس وباطنهما مع الوجه
وعند ❊ الشعبي وحسن بن صالح يمسح ظاهرهما مع الرأس ويغسل باطنهما مع الوجه
وعند الجمهور يمسح الكل مع الرأس]
ﺃﻣﺎ ﻣﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﻨﻈﺮ , ﻓﺈﻧﺎ ﻗﺪ ﺭﺃﻳﻨﺎﻫﻢ ﻻ ﻳﺨﺘﻠﻔﻮﻥ ﺃﻥ اﻟﻤﺤﺮﻣﺔ ﻟﻴﺲ ﻟﻬﺎ ﺃﻥ ﺗﻐﻄﻲ ﻭﺟﻬﻬﺎ ﻭﻟﻬﺎ ﺃﻥ ﺗﻐﻄﻲ ﺭﺃﺳﻬﺎ، ﻭﻛﻞ ﻗﺪ ﺃﺟﻤﻊ ﺃﻥ ﻟﻬﺎ ﺃﻥ ﺗﻐﻄﻲ ﺃﺫﻧﻴﻬﺎ ﻇﺎﻫﺮﻫﻤﺎ ﻭﺑﺎﻃﻨﻬﻤﺎ , ﻭﺩﻝ ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﺣﻜﻤﻬﻤﺎ ﺣﻜﻢ اﻟﺮﺃﺱ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺢ ﻻ ﺣﻜﻢ اﻟﻮﺟﻪ.
ﻭﺣﺠﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﺃﻧﺎ ﻗﺪ ﺭﺃﻳﻨﺎﻫﻢ ﻟﻢ ﻳﺨﺘﻠﻔﻮا ﺃﻥ ﻣﺎ ﺃﺩﺑﺮ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻳﻤﺴﺢ ﻣﻊ اﻟﺮﺃﺱ، ﻭاﺧﺘﻠﻔﻮا ﻓﻴﻤﺎ ﺃﻗﺒﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺫﻛﺮﻧﺎ. ﻓﻨﻈﺮﻧﺎ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﻓﺮﺃﻳﻨﺎ اﻷﻋﻀﺎء اﻟﺘﻲ ﻗﺪ اﺗﻔﻘﻮا ﻋﻠﻰ ﻓﺮﺿﻴﺘﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻮﺿﻮء: اﻟﻮﺟﻪ ﻭاﻟﻴﺪاﻥ ﻭاﻟﺮﺟﻼﻥ ﻭاﻟﺮﺃﺱ. ﻓﻜﺎﻥ اﻟﻮﺟﻪ ﻳﻐﺴﻞ ﻛﻠﻪ , ﻭﻛﺬﻟﻚ اﻟﻴﺪاﻥ , ﻭﻛﺬﻟﻚ اﻟﺮﺟﻼﻥ , ﻭﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺣﻜﻢ ﺷﻲء ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻷﻋﻀﺎء ﺧﻼﻑ ﺣﻜﻢ ﺑﻘﻴﺘﻪ. ﺑﻞ ﺟﻌﻞ ﺣﻜﻢ ﻛﻞ ﻋﻀﻮ ﻣﻨﻬﺎ ﺣﻜﻤﺎ ﻭاﺣﺪا , ﻓﺠﻌﻞ ﻣﻐﺴﻮﻻ ﻛﻠﻪ , ﺃﻭ ﻣﻤﺴﻮﺣﺎ ﻛﻠﻪ. ﻭاﺗﻔﻘﻮا ﺃﻥ ﻣﺎ ﺃﺩﺑﺮ ﻣﻦ اﻷﺫﻧﻴﻦ ﻓﺤﻜﻤﻪ اﻟﻤﺴﺢ , ﻓﺎﻟﻨﻈﺮ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺎ ﺃﻗﺒﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻛﺬﻟﻚ , ﻭﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺣﻜﻢ اﻷﺫﻧﻴﻦ ﻛﻠﻪ ﺣﻜﻤﺎ ﻭاﺣﺪا ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺣﻜﻢ ﺳﺎﺋﺮ اﻷﻋﻀﺎء اﻟﺘﻲ ﺫﻛﺮﻧﺎ. ﻓﻬﺬا ﻭﺟﻪ اﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺒﺎﺏ , ﻭﻫﻮ ﻗﻮﻝ ﺃﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﻭﺃﺑﻲ ﻳﻮﺳﻒ , ﻭﻣﺤﻤﺪ ﺭﺣﻤﻬﻢ اﻟﻠﻪ،
(٧) فرض الرجلين في الوضوء
[عند الإمامية المسح ، وعند حسن وابن جرير والجبائي الاختيار وعند أهل الظاهر الجمع وعند الجمهور الغسل]
ﻭﺃﻣﺎ ﻭﺟﻬﻪ ﻣﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﻨﻈﺮ ﻓﺈﻧﺎ ﻗﺪ ﺫﻛﺮﻧﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﺗﻘﺪﻡ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﺒﺎﺏ ﻋﻦ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻣﺎ ﻟﻤﻦ ﻏﺴﻞ ﺭﺟﻠﻴﻪ ﻓﻲ ﻭﺿﻮﺋﻪ ﻣﻦ اﻟﺜﻮاﺏ , ﻓﺜﺒﺖ ﺑﺬﻟﻚ ﺃﻧﻬﻤﺎ ﻣﻤﺎ ﻳﻐﺴﻞ ﻭﺃﻧﻬﻤﺎ ﻟﻴﺴﺘﺎ ﻛﺎﻟﺮﺃﺱ اﻟﺬﻱ ﻳﻤﺴﺢ ﻭﻏﺎﺳﻠﻪ ﻻ ﺛﻮاﺏ ﻟﻪ ﻓﻲ ﻏﺴﻠﻪ.
(٨) الوضوء هل يجب لكل صلاة؟
[عند الشيعة وبعض أهل الظاهر يجب للمقيم وعند الجمهور لا يجب لأحد]
ﻭﺃﻣﺎ ﻭﺟﻪ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﻨﻈﺮ ; ﻓﺈﻧﺎ ﺭﺃﻳﻨﺎ اﻟﻮﺿﻮء ﻃﻬﺎﺭﺓ ﻣﻦ ﺣﺪﺙ , ﻓﺄﺭﺩﻧﺎ ﺃﻥ ﻧﻨﻈﺮ ﻓﻲ اﻟﻄﻬﺎﺭاﺕ ﻣﻦ اﻷﺣﺪاﺙ ﻛﻴﻒ ﺣﻜﻤﻬﺎ؟ ﻭﻣﺎ اﻟﺬﻱ ﻳﻨﻘﻀﻬﺎ؟ ﻓﻮﺟﺪﻧﺎ اﻟﻄﻬﺎﺭاﺕ اﻟﺘﻲ ﺗﻮﺟﺒﻬﺎ اﻷﺣﺪاﺙ ﻋﻠﻰ ﺿﺮﺑﻴﻦ: ﻓﻤﻨﻬﺎ اﻟﻐﺴﻞ , ﻭﻣﻨﻬﺎ اﻟﻮﺿﻮء , ﻓﻜﺎﻥ ﻣﻦ ﺟﺎﻣﻊ ﺃﻭ ﺃﺟﻨﺐ , ﻭﺟﺐ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﻐﺴﻞ , ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺑﺎﻝ ﺃﻭ ﺗﻐﻮﻁ , ﻭﺟﺐ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﻮﺿﻮء. ﻓﻜﺎﻥ اﻟﻐﺴﻞ اﻟﻮاﺟﺐ ﺑﻤﺎ ﺫﻛﺮﻧﺎ ﻻ ﻳﻨﻘﻀﻪ ﻣﺮﻭﺭ اﻷﻭﻗﺎﺕ ﻭﻻ ﻳﻨﻘﻀﻪ ﺇﻻ اﻷﺣﺪاﺙ. ﻓﻠﻤﺎ ﺛﺒﺖ ﺃﻥ ﺣﻜﻢ اﻟﻄﻬﺎﺭﺓ ﻣﻦ اﻟﺠﻤﺎﻉ ﻭاﻻﺣﺘﻼﻡ ﻛﻤﺎ ﺫﻛﺮﻧﺎ , ﻛﺎﻥ ﻓﻲ اﻟﻨﻈﺮ ﺃﻳﻀﺎ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺣﻜﻢ اﻟﻄﻬﺎﺭاﺕ ﻣﻦ ﺳﺎﺋﺮ اﻷﺣﺪاﺙ ﻛﺬﻟﻚ ﻭﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﻨﻘﺾ ﺫﻟﻚ ﻣﺮﻭﺭ ﻭﻗﺖ ﻛﻤﺎ ﻻ ﻳﻨﻘﺾ اﻟﻐﺴﻞ ﻣﺮﻭﺭ ﻭﻗﺖ. ﻭﺣﺠﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﺃﻧﺎ ﺭﺃﻳﻨﺎﻫﻢ ﺃﺟﻤﻌﻮا ﺃﻥ اﻟﻤﺴﺎﻓﺮ ﻳﺼﻠﻲ اﻟﺼﻠﻮاﺕ ﻛﻠﻬﺎ ﺑﻮﺿﻮء ﻭاﺣﺪ ﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﺤﺪﺙ. ﻭﺇﻧﻤﺎ اﺧﺘﻠﻔﻮا ﻓﻲ اﻟﺤﺎﺿﺮ ﻓﻮﺟﺪﻧﺎ اﻹﺣﺪاﺙ ﻣﻦ اﻟﺠﻤﺎﻉ ﻭاﻻﺣﺘﻼﻡ ﻭاﻟﻐﺎﺋﻂ ﻭاﻟﺒﻮﻝ ﻭﻛﻞ ﻣﺎ ﺇﺫا ﻛﺎﻥ ﻣﻦ اﻟﺤﺎﺿﺮ ﻛﺎﻥ ﺣﺪﺛﺎ ﻳﻮﺟﺐ ﺑﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻃﻬﺎﺭﺓ , ﻓﺈﻧﻪ ﺇﺫا ﻛﺎﻥ ﻣﻦ اﻟﻤﺴﺎﻓﺮ , ﻛﺎﻥ ﻛﺬﻟﻚ ﺃﻳﻀﺎ ﻭﺟﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ اﻟﻄﻬﺎﺭﺓ ﻣﺎ ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﺣﺎﺿﺮا. ﻭﺭﺃﻳﻨﺎ ﻃﻬﺎﺭﺓ ﺃﺧﺮﻯ ﻳﻨﻘﻀﻬﺎ ﺧﺮﻭﺝ ﻭﻗﺖ ﻭﻫﻲ اﻟﻤﺴﺢ ﻋﻠﻰ اﻟﺨﻔﻴﻦ ; ﻓﻜﺎﻥ اﻟﺤﺎﺿﺮ ﻭاﻟﻤﺴﺎﻓﺮ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺳﻮاء ; ﻳﻨﻘﺾ ﻃﻬﺎﺭﺗﻬﻤﺎ ﺧﺮﻭﺝ ﻭﻗﺖ ﻣﺎ ; ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻪ ﻣﺨﺘﻠﻔﺎ ﻓﻲ اﻟﺤﻀﺮ ﻭاﻟﺴﻔﺮ. ﻓﻠﻤﺎ ﺛﺒﺖ ﺃﻥ ﻣﺎ ﺫﻛﺮﻧﺎ ﻛﺬﻟﻚ ; ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻳﻨﻘﺾ ﻃﻬﺎﺭﺓ اﻟﺤﺎﺿﺮ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻳﻨﻘﺾ ﻃﻬﺎﺭﺓ اﻟﻤﺴﺎﻓﺮ , ﻭﻛﺎﻥ ﺧﺮﻭﺝ اﻟﻮﻗﺖ ﻋﻦ اﻟﻤﺴﺎﻓﺮ ﻻ ﻳﻨﻘﺾ ﻃﻬﺎﺭﺓ , ﻛﺎﻥ ﺧﺮﻭﺟﻪ ﻋﻦ اﻟﻤﻘﻴﻢ ﺃﻳﻀﺎ ﻛﺬﻟﻚ , ﻗﻴﺎﺳﺎ ﻭﻧﻈﺮا ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺑﻴﻨﺎ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ
(٩) الرجل يخرج من ذكره المذي كيف يفعل
[عند مالك يغسل الذكر كله وأحمد والأوزعي الذكر مع الأنثيين والأحناف والشافعي (وعندهما أيضا في رواية) محل النجاسة فقط ]
وأما وجه ذلك من طريق النظر , فإنا رأينا خروج المذي حدثا , فأردنا أن ننظر في خروج الأحداث , ما الذي يجب به؟ . فكان خروج الغائط , يجب به غسل ما أصاب البدن منه , ولا يجب غسل ما سوى ذلك إلا التطهر للصلاة. وكذلك خروج الدم من أي موضع ما خرج , في قول من جعل ذلك حدثا. فالنظر على ذلك أن يكون كذلك , خروج المذي الذي هو حدث , لا يجب فيه غسل , غير الموضع الذي أصابه من البدن غير التطهر للصلاة , فثبت ذلك أيضا بما ذكرنا من طريق النظر
(١٠) حكم المني
[عند الشافعي في أصح قوليه وأحمد في رواية طاهر والأحناف ومالك نجس]
اعتبرنا ذلك من طريق النظر , فوجدنا خروج المني حدثا أغلظ الأحداث , لأنه يوجب أكبر الطهارات. فأردنا أن ننظر في الأشياء التي خروجها حدث كيف حكمها في نفسها؟ . فرأينا الغائط والبول , خروجهما حدث , وهما نجسان في أنفسهما. وكذلك دم الحيض والاستحاضة , هما حدث , وهما نجسان في أنفسهما , ودم العروق كذلك في النظر. فلما ثبت بما ذكرنا أن كل ما كان خروجه حدثا , فهو نجس في نفسه , وقد ثبت أن خروج المني حدث , ثبت أيضا أنه في نفسه نجس. فهذا هو النظر فيه , غير أنا اتبعنا في إباحة حكمه، إذا كان يابسا، ما روي في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم.
(١١) الذي يجامع ولا ينزل
[كان فيه اختلافا في الصدر الأول ثم أجمعوا في عهد عمر ولم يخالفهم بعده إلا داود الظاهري]
وأما وجهه من طريق النظر , فإنا رأيناهم لم يختلفوا أن الجماع في الفرج الذي لا إنزال معه حدث. فقال قوم: هو أغلظ الأحداث , فأوجبوا فيه أغلظ الطهارات , وهو الغسل. وقال قوم: هو كأخف الأحداث , فأوجبوا فيه أخف الطهارات , وهو الوضوء. - فأردنا أن ننظر إلى التقاء الختانين: هل هو أغلظ الأشياء فنوجب فيه أغلظ ما يجب في ذلك فوجدنا أشياء يوجبها الجماع , وهو فساد الصيام والحج , فكان ذلك بالتقاء الختانين وإن لم يكن معه إنزال , ويوجب ذلك في الحج , الدم , وقضاء الحج , ويوجب في الصيام , القضاء والكفارة , في قول من يوجبها. ولو كان جامع فيما دون الفرج , وجب عليه في الحج دم فقط , ولم يجب عليه في الصيام شيء إلا أن ينزل , وكل ذلك محرم عليه في حجه وصيامه , وكان من زنى بامرأة حد , وإن لم ينزل ولو فعل ذلك على وجه شبهة , فسقط بها الحد عنه , وجب عليه المهر. وكان لو جامعها فيما دون الفرج , لم يجب عليه في ذلك حد ولا مهر , ولكنه يعزر إذا لم تكن هناك شبهة. وكان الرجل إذا تزوج المرأة فجامعها جماعا لا خلوة معه في الفرج ثم طلقها , كان عليه المهر أنزل أو لم ينزل , ووجبت عليها العدة وأحلها ذلك لزوجها الأول. ولو جامعها فيما دون الفرج لم يجب في ذلك عليه شيء , وكان عليه في الطلاق نصف المهر , إن كان سمى لها مهرا , أو المتعة إذا لم يكن سمى لها مهرا. فكان يجب في هذه الأشياء التي وصفنا , التي لا إنزال معها أغلظ ما يجب في الجماع الذي معه الإنزال , من الحدود والمهور , وغير ذلك. فالنظر على ذلك , أن يكون كذلك , هو في حكم الأحداث , أغلظ الأحداث , ويجب فيه أغلظ ما يجب في الأحداث , وهو الغسل.
وحجة أخرى في ذلك , إنا رأينا هذه الأشياء التي وجبت بالتقاء الختانين , فإذا كان بعدها الإنزال لم يجب بالإنزال حكم ثان , وإنما الحكم لالتقاء الختانين ألا ترى أن رجلا لو جامع امرأة جماع زناء , فالتقى ختاناهما , وجب الحد عليهما بذلك , ولو أقام عليهما حتى أنزل لم يجب بذلك عليه عقوبة , غير الحد الذي وجب عليه بالتقاء الختانين , ولو كان ذلك الجماع على وجه شبهة , فوجب عليه المهر بالتقاء الختانين , ثم أقام عليها حتى أنزل , لم يجب عليه في ذلك الإنزال شيء , بعدما وجب بالتقاء الختانين وكان ما يحكم به في هذه الأشياء على من جامع فأنزل , هو ما يحكم به عليه إذا جامع ولم ينزل , وكان الحكم في ذلك هو لالتقاء الختانين لا للإنزال الذي يكون بعده. فالنظر على ذلك , أن يكون الغسل الذي يجب على من جامع وأنزل , هو بالتقاء الختانين لا بالإنزال الذي يكون بعده. فثبت بذلك قول الذين قالوا: إن الجماع يوجب الغسل , كان معه إنزال , أو لم يكن
(١٢) الوضوء مما غيرت النار
[كان فيه اختلافا في الصدر الأول ثم رفع إلا أنه ينسب إلي حسن وأبي قلابة وابن خزيمة وبعضهم القول بالنقض.]
وأما وجهه من طريق النظر , فإنا قد رأينا هذه الأشياء التي قد اختلف في أكلها أنه ينقض الوضوء أم لا إذا مستها النار؟ وقد أجمع أن أكلها قبل مماسة النار إياها لا ينقض الوضوء فأردنا أن ننظر , هل للنار حكم يجب في الأشياء إذا مستها فينتقل به حكمها إليها فرأينا الماء القراح طاهرا تؤدى به الفروض. ثم رأيناه إذا سخن فصار مما قد مسته النار أن حكمه في طهارته على ما كان عليه قبل مماسته النار إياه , وأن النار لم تحدث فيه حكما ينتقل به حكمه إلى غير ما كان عليه في البدء. فلما كان ما وصفنا كذلك , كان في النظر أن الطعام الطاهر الذي لا يكون أكله قبل أن تمسه النار , حدثا إذا مسته النار لا تنقله عن حاله , ولا تغير حكمه , ويكون حكمه بعد مسيس النار إياه , كحكمه قبل ذلك قياسا ونظرا , على ما بينا.
(١٣) الوضوء من لحوم الإبل
[عند أحمد وإسحاق يجب وعند الجمهور لا]
وأما من طريق النظر , فإنا قد رأينا الإبل والغنم , سواء في حل بيعهما وشرب لبنهما , وطهارة لحومهما , وأنه لا تفترق أحكامهما في شيء من ذلك. فالنظر على ذلك , أنهما , في أكل لحومهما سواء. فكما كان لا وضوء في أكل لحوم الغنم , فكذلك لا وضوء في أكل لحوم الإبل ,
(١٤) الوضوء من مس الفرج
[عند أحمد ينقض بمسه مطلقا والشافعي إذا كان بباطن الكف ومالك إذا كان بباطن الكف مع اللذة بدون حائل وعند الأحناف لا ينقض مطلقا]
وإن كان يؤخذ من طريق النظر , فإنا رأيناهم لا يختلفون , أن من مس ذكره بظهر كفه , أو بذراعيه , لم يجب في ذلك وضوء. فالنظر أن يكون مسه إياه ببطن كفه كذلك. وقد رأيناه لو مسه بفخذه , لم يجب عليه بذلك وضوء , والفخذ عورة. فإذا كانت مماسته إياه بالعورة , لا توجب عليه وضوءا فمماسته إياه بغير العورة أحرى أن لا توجب عليه وضوءا.
(١٥) حكم بول الغلام والجارية قبل أن يأكل الطعام
[عند داود الظاهري طاهر وعند الجمهور نجس إلا أنهم اختلفوا في طريقة التطهير في الغلام . عند الشافعي وأحمد يكفي النضح وعند الأحناف ومالك الغسل الخفيف]
وأما وجهه من طريق النظر , فإنا رأينا الغلام والجارية , حكم أبوالهما سواء , بعدما يأكلان الطعام. فالنظر على ذلك أن يكون أيضا سواء قبل أن يأكلا الطعام , فإذا كان بول الجارية نجسا فبول الغلام أيضا نجس.
(١٦) الوضوء بنبيذ التمر
[عند الثلاثة وأبي يوسف التيمم ولأبي حنيفة أربع روايات، ① الوضوء (سفيان والأوزعي وزفر) ②الوضوء مع استحباب التيمم ③ وجوب الجمع (محمد) ④ التيمم فقط وهذا هو الآخر عنه]
وإن كان من طريق النظر , فإنا قد رأينا الأصل المتفق عليه , أنه لا يتوضأ بنبيذ الزبيب , ولا بالخل , فكان النظر على ذلك أن يكون نبيذ التمر أيضا كذلك. وقد أجمع العلماء أن نبيذ التمر إذا كان موجودا في حال وجود الماء , أنه لا يتوضأ به لأنه ليس بماء. فلما كان خارجا من حكم المياه في حال وجود الماء , كان كذلك هو في حال عدم الماء. وحديث ابن مسعود الذي فيه التوضؤ بنبيذ التمر إنما فيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ به , وهو غير مسافر لأنه إنما خرج من مكة يريدهم , فقيل إنه توضأ بنبيذ التمر في ذلك المكان , وهو في حكم من هو بمكة , لأنه يتم الصلاة , فهو أيضا في حكم استعماله ذلك النبيذ هنالك في حكم استعماله إياه بمكة. فلو ثبت هذا الأثر أن النبيذ مما يجوز التوضؤ به في الأمصار والبوادي , ثبت أنه يجوز التوضؤ لا به في حال وجود الماء , وفي حال عدمه. فلما أجمعوا على ترك ذلك , والعمل بضده , فلم يجيزوا التوضؤ به في الأمصار , ولا فيما حكمه حكم الأمصار , ثبت بذلك تركهم لذلك الحديث , وخرج حكم ذلك النبيذ , من حكم سائر المياه. فثبت بذلك أنه لا يجوز التوضؤ به في حال من الأحوال , وهو قول أبي يوسف , وهو النظر عندنا , والله أعلم
(١٧) المسح علي النعلين
[عند علي وابن عمر وحذيفة رضي ﷲ عنهم وبعض أهل الظاهر يجوز وعند الجمهور لا]
التمسنا ذلك من طريق النظر , لنعلم كيف حكمه؟ فرأينا الخفين اللذين قد جوز المسح عليهما إذا تخرقا , حتى بدت القدمان منهما أو أكثر القدمين , فكل قد أجمع أنه لا يمسح عليهما. فلما كان المسح على الخفين إنما يجوز إذا غيبا القدمين , ويبطل ذلك إذا لم يغيبا القدمين , وكانت النعلان غير مغيبين للقدمين , ثبت أنهما كالخفين اللذين لا يغيبان القدمين
(١٨) هل تتوضأ المستحاضة لكل صلاة أم لكل وقتها؟
[ ❶ عند الإمامية وأهل الظاهر وبعض التابعين تغتسل لكل صلاة، عند ابراهيم النخعي وعطاء وسعيد وغيرهم تجمع بين الصلاتين بغسل، وعند الجمهور تتوضأ لكل صلاة
❷❊عند الشافعي تتوضأ لكل صلاة وجوبا ومالك استحبابا وعند الأحناف وأحمد لوقت كل صلاة]
اﺧﺘﻠﻒ اﻟﺬﻳﻦ ﻗﺎﻟﻮا ﺇﻧﻬﺎ ﺗﺘﻮﺿﺄ ﻟﻜﻞ ﺻﻼﺓ. ﻓﻘﺎﻝ ﺑﻌﻀﻬﻢ: ﺗﺘﻮﺿﺄ ﻟﻮﻗﺖ ﻛﻞ ﺻﻼﺓ ﻭﻫﻮ ﻗﻮﻝ ﺃﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﺭﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ ﻭﺯﻓﺮ , ﻭﺃﺑﻲ ﻳﻮﺳﻒ , ﻭﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ اﻟﺤﺴﻦ ﺭﺣﻤﻬﻢ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ. ﻭﻗﺎﻝ ﺁﺧﺮﻭﻥ: ﺑﻞ ﺗﺘﻮﺿﺄ ﻟﻜﻞ ﺻﻼﺓ , ﻭﻻ ﻳﻌﺮﻓﻮﻥ ﺫﻛﺮ اﻟﻮﻗﺖ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ. ﻓﺄﺭﺩﻧﺎ ﻧﺤﻦ ﺃﻥ ﻧﺴﺘﺨﺮﺝ ﻣﻦ اﻟﻘﻮﻟﻴﻦ , ﻗﻮﻻ ﺻﺤﻴﺤﺎ. ﻓﺮﺃﻳﻨﺎﻫﻢ ﻗﺪ ﺃﺟﻤﻌﻮا ﺃﻧﻬﺎ ﺇﺫا ﺗﻮﺿﺄﺕ ﻓﻲ ﻭﻗﺖ ﺻﻼﺓ , ﻓﻠﻢ ﺗﺼﻞ ﺣﺘﻰ ﺧﺮﺝ اﻟﻮﻗﺖ , ﻓﺄﺭاﺩﺕ ﺃﻥ ﺗﺼﻠﻲ ﺑﺬﻟﻚ اﻟﻮﺿﻮء، ﺃﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﺫﻟﻚ ﻟﻬﺎ ﺣﺘﻰ ﺗﺘﻮﺿﺄ ﻭﺿﻮءا ﺟﺪﻳﺪا. ﻭﺭﺃﻳﻨﺎﻫﺎ ﻟﻮ ﺗﻮﺿﺄﺕ ﻓﻲ ﻭﻗﺖ ﺻﻼﺓ ﻓﺼﻠﺖ , ﺛﻢ ﺃﺭاﺩﺕ ﺃﻥ ﺗﺘﻄﻮﻉ ﺑﺬﻟﻚ اﻟﻮﺿﻮء ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﻟﻬﺎ ﻣﺎ ﺩاﻣﺖ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ. ﻓﺪﻝ ﻣﺎ ﺫﻛﺮﻧﺎ ﺃﻥ اﻟﺬﻱ ﻳﻨﻘﺾ ﺗﻄﻬﺮﻫﺎ ﻫﻮ ﺧﺮﻭﺝ اﻟﻮﻗﺖ , ﻭﺃﻥ ﻭﺿﻮءﻫﺎ ﻳﻮﺟﺒﻪ اﻟﻮﻗﺖ ﻻ اﻟﺼﻼﺓ ,
ﻭﻗﺪ ﺭﺃﻳﻨﺎﻫﺎ ﻟﻮ ﻓﺎﺗﺘﻬﺎ ﺻﻠﻮاﺕ , ﻓﺄﺭاﺩﺕ ﺃﻥ ﺗﻘﻀﻴﻬﻦ ﻛﺎﻥ ﻟﻬﺎ ﺃﻥ ﺗﺠﻤﻌﻬﻦ ﻓﻲ ﻭﻗﺖ ﺻﻼﺓ ﻭاﺣﺪﺓ ﺑﻮﺿﻮء ﻭاﺣﺪ. ﻓﻠﻮ ﻛﺎﻥ اﻟﻮﺿﻮء ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻟﻜﻞ ﺻﻼﺓ , ﻟﻜﺎﻥ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﺗﺘﻮﺿﺄ ﻟﻜﻞ ﺻﻼﺓ ﻣﻦ اﻟﺼﻠﻮاﺕ اﻟﻔﺎﺋﺘﺎﺕ. ﻓﻠﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺼﻠﻴﻬﻦ ﺟﻤﻴﻌﺎ ﺑﻮﺿﻮء ﻭاﺣﺪ , ﺛﺒﺖ ﺑﺬﻟﻚ ﺃﻥ اﻟﻮﺿﻮء اﻟﺬﻱ ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻴﻬﺎ , ﻫﻮ ﻟﻐﻴﺮ اﻟﺼﻼﺓ , ﻭﻫﻮ اﻟﻮﻗﺖ.
ﻭﺣﺠﺔ ﺃﺧﺮﻯ , ﺃﻧﺎ ﻗﺪ ﺭﺃﻳﻨﺎ اﻟﻄﻬﺎﺭاﺕ ﺗﻨﺘﻘﺾ ﺑﺄﺣﺪاﺙ , ﻣﻨﻬﺎ اﻟﻐﺎﺋﻂ , ﻭاﻟﺒﻮﻝ. ﻭﻃﻬﺎﺭاﺕ ﺗﻨﺘﻘﺾ ﺑﺨﺮﻭﺝ ﺃﻭﻗﺎﺕ , ﻭﻫﻲ اﻟﻄﻬﺎﺭﺓ ﺑﺎﻟﻤﺴﺢ ﻋﻠﻰ اﻟﺨﻔﻴﻦ , ﻳﻨﻘﻀﻬﺎ ﺧﺮﻭﺝ ﻭﻗﺖ اﻟﻤﺴﺎﻓﺮ ﻭﺧﺮﻭﺝ ﻭﻗﺖ اﻟﻤﻘﻴﻢ. ﻭﻫﺬﻩ اﻟﻄﻬﺎﺭاﺕ اﻟﻤﺘﻔﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ , ﻟﻢ ﻧﺠﺪ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻨﻘﻀﻬﺎ ﺻﻼﺓ , ﺇﻧﻤﺎ ﻳﻨﻘﻀﻬﺎ ﺣﺪﺙ , ﺃﻭ ﺧﺮﻭﺝ ﻭﻗﺖ. ﻭﻗﺪ ﺛﺒﺖ ﺃﻥ ﻃﻬﺎﺭﺓ اﻟﻤﺴﺘﺤﺎﺿﺔ , ﻃﻬﺎﺭﺓ ﻳﻨﻘﻀﻬﺎ اﻟﺤﺪﺙ ﻭﻏﻴﺮ اﻟﺤﺪﺙ. ﻓﻘﺎﻝ ﻗﻮﻡ: ﻫﺬا اﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﻏﻴﺮ اﻟﺤﺪﺙ , ﻫﻮ ﺧﺮﻭﺝ اﻟﻮﻗﺖ. ﻭﻗﺎﻝ ﺁﺧﺮﻭﻥ: ﻫﻮ ﻓﺮاﻍ ﻣﻦ ﺻﻼﺓ , ﻭﻟﻢ ﻧﺠﺪ اﻟﻔﺮاﻍ ﻣﻦ اﻟﺼﻼﺓ ﺣﺪﺛﺎ ﻓﻲ ﺷﻲء ﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ , ﻭﻗﺪ ﻭﺟﺪﻧﺎ ﺧﺮﻭﺝ اﻟﻮﻗﺖ ﺣﺪﺛﺎ ﻓﻲ ﻏﻴﺮﻩ. ﻓﺄﻭﻟﻰ اﻷﺷﻴﺎء ﺃﻥ ﻧﺮﺟﻊ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺤﺪﺙ اﻟﻤﺨﺘﻠﻒ ﻓﻴﻪ , ﻓﻨﺠﻌﻠﻪ ﻛﺎﻟﺤﺪﺙ اﻟﺬﻱ ﻗﺪ ﺃﺟﻤﻊ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻭﺟﺪ ﻟﻪ ﺃﺻﻞ ﻭﻻ ﻧﺠﻌﻠﻪ ﻛﻤﺎ ﻟﻢ ﻳﺠﻤﻊ ﻋﻠﻴﻪ , ﻭﻟﻢ ﻧﺠﺪ ﻟﻪ ﺃﺻﻼ. ﻓﺜﺒﺖ ﺑﺬﻟﻚ ﻗﻮﻝ ﻣﻦ ﺫﻫﺐ ﺇﻟﻰ ﺃﻧﻬﺎ ﺗﺘﻮﺿﺄ ﻟﻜﻞ ﻭﻗﺖ ﺻﻼﺓ , ﻭﻫﻮ ﻗﻮﻝ ﺃﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ , ﻭﺃﺑﻲ ﻳﻮﺳﻒ , ﻭﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ اﻟﺤﺴﻦ , ﺭﺣﻤﻬﻢ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ
(١٩) حكم بول ما يؤكل لحمه
[عند مالك وأحمد ومحمد طاهر وعند أبي يوسف نجس يجوز للتداوي وعند أبي حنيفة والشافعي نجس مطلقا]
احتجنا أن نرجع فنلتمس ذلك من طريق النظر فنعلم كيف حكمه؟ فنظرنا في ذلك , فإذا لحوم بني آدم , كل قد أجمع أنها لحوم طاهرة وأن أبوالهم حرام نجسة , فكانت أبوالهم باتفاقهم محكوما لها بحكم دمائهم , لا بحكم لحومهم. فالنظر على ذلك أن تكون كذلك أبوال الإبل , يحكم لها بحكم دمائها , لا بحكم لحومها , فثبت بما ذكرنا أن أبوال الإبل نجسة. فهذا هو النظر
(٢٠) صفة التيمم كيف هي
[عند الزهري إلي الآباط وأحمد إلي الذراعين ومالك في رواية إلي الذراعين وجوبا وإلي المرفقين استحبابا وعند الأحناف والشافعي إلي المرفقين]
فلما اختلفوا في التيمم كيف هو , واختلفت هذه الروايات فيه , رجعنا إلى النظر في ذلك , لنستخرج به من هذه الأقاويل قولا صحيحا. فاعتبرنا ذلك , فوجدنا الوضوء على الأعضاء التي ذكرها الله تعالى في كتابه , وكان التيمم قد أسقط عن بعضها , فأسقط عن الرأس والرجلين , فكان التيمم هو على بعض ما عليه الوضوء. فبطل بذلك قول من قال: إنه إلى المناكب , لأنه لما بطل عن الرأس والرجلين , وهما مما يوضأ كان أحرى أن لا يجب على ما لا يوضأ. ثم اختلف في الذراعين , هل ييممان أم لا؟ . فرأينا الوجه ييمم بالصعيد , كما يغسل بالماء , ورأينا الرأس والرجلين لا ييمم منهما شيء. فكان ما سقط التيمم عن بعضه سقط عن كله , وكان ما وجب فيه التيمم كان كالوضوء سواء , لأنه جعل بدلا منه. فلما ثبت أن بعض ما يغسل من اليدين في حال وجود الماء ييمم في حال عدم الماء , ثبت بذلك أن التيمم في اليدين إلى المرفقين قياسا ونظرا على ما بينا من ذلك.
(٢١) الإستجمار
[عند الشافعي وأحمد التثليث وجوبا وعند الأحناف ومالك الإنقاء مع استحباب التثليث]
وأما من طريق النظر فإنا رأينا الغائط والبول إذا غسلا بالماء مرة , فذهب بذلك أثرهما أو ريحهما حتى لم يبق من ذلك شيء أن مكانهما قد طهر. ولو لم يذهب بذلك لونهما ولا ريحهما , احتيج إلى غسله ثانية. فإن غسل ثانية فذهب لونهما وريحهما , طهر بذلك , كما يطهر بالواحدة. - ولو لم يذهب لونهما ولا ريحهما يغسل مرتين , احتيج إلى أن يغسل بعد ذلك حتى يذهب لونهما وريحهما. فكان ما يراد في غسلهما هو ذهابهما بما أذهبهما , من الغسل , ولم يرد في ذلك مقدار من الغسل معلوم لا يجزئ ما هو أقل منه. فالنظر على ذلك أن يكون كذلك الاستجمار بالحجارة , لا يراد من الحجارة في ذلك مقدار معلوم لا يجزئ الاستجمار بأقل منه , ولكن يجزئ من ذلك ما أذهب بالنجاسة , مما قل أو كثر. وهذا هو النظر ,
تم كتاب الطهارة والحمد لله
ماشاء الله
উত্তরমুছুনبارك الله فيكم
সুন্দর তো! মাশাআল্লাহ!
উত্তরমুছুনকিতাবুত তহারাত পর্যন্তই নাকি আরো আছে?
جزاالله احسن الجزاء
উত্তরমুছুন