تحقيق آيات الشفاء
تحقيق آيات الشفاء
بقلم محمد إلياس حسينخريج الجامعة الإسلامية إدارة العلوم آفتبنغر داكا
ومتعلم بدار العلوم ديوبند
بسم الله الرحمن الرحيم
تعريف آيات الشفاء :
لابد لنا أن نعلم أولا ما هي آيات الشفاءآيات الشفاء في القرآن الكريم آيات ذُكرت فيها كلمة (شفاء) وما اشتُقّ منها، وتُقرأ على المريض رجاء أن يشفيه الله تعالى وهي ستة:
1- (وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ) التوبة/14.
وتمامها : قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِين
2- (وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ) الشعراء/80.
3- (قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ) يونس/57.
4- (فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ) النحل/69.
وتمامها : ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاء لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُون
5- (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) الإسراء/82.
6- (قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ) فصلت/44.
و تمامها: وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ ۖ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ ۗ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ ۖ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى ۚ أُولَٰئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ
كيف جري التعامل بآيات الشفاء؟
الشفاء بهذه الآيات ليس مما نطق به القران و السنة بل هذا مما تجربه السلف الصالحون. وأول من ذكر عنه ذلك هو الشيخ أبو القاسم القشيريقال العلامة بدر الدين الزركشي (٧٩٤ھ) رحمه الله في كتابه المشهور البرهان في علوم القران في النوع السابع و العشرين «معرفه خواصه»(ص: ١\٤٣٥ -٤٣٦) :
"ﻭﻳﺤﻜﻰ ﺃﻥ اﻟﺸﻴﺦ ﺃﺑﺎ اﻟﻘﺎﺳﻢ اﻟﻘﺸﻴﺮﻱ ﺭﺃﻯ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﻲ اﻟﻤﻨﺎﻡ ﻓﻘﺎﻝ: ﻟﻪ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻣﺎﻟﻲ ﺃﺭاﻙ ﻣﺤﺰﻭﻧﺎ؟ ﻓﻘﺎﻝ ﻭﻟﺪﻱ ﻗﺪ ﻣﺮﺽ ﻭاﺷﺘﺪ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺤﺎﻝ ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ ﺃﻳﻦ ﺃﻧﺖ ﻋﻦ ﺁﻳﺎﺕ اﻟﺸﻔﺎء: {ﻭﻳﺸﻒ ﺻﺪﻭﺭ ﻗﻮﻡ ﻣﺆﻣﻨﻴﻦ} {ﻭﺷﻔﺎء ﻟﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﺼﺪﻭﺭ} {ﻓﻴﻪ ﺷﻔﺎء ﻟﻠﻨﺎﺱ ﺇﻥ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﻵﻳﺔ ﻟﻘﻮﻡ ﻳﺘﻔﻜﺮﻭﻥ} {ﻭﻧﻨﺰﻝ ﻣﻦ اﻟﻘﺮﺁﻥ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺷﻔﺎء ﻭﺭﺣﻤﺔ ﻟﻠﻤﺆﻣﻨﻴﻦ} {ﻭﺇﺫا ﻣﺮﺿﺖ ﻓﻬﻮ ﻳﺸﻔﻴﻦ} {ﻗﻞ ﻫﻮ ﻟﻠﺬﻳﻦ ﺁﻣﻨﻮا ﻫﺪﻯ ﻭﺷﻔﺎء} ﻓﻘﺮﺃ ﻫﺬﻩ اﻵﻳﺎﺕ ﻋﻠﻴﻪ ﺛﻼﺙ ﻣﺮاﺕ ﻓﺒﺮﺃ"
و نحو هذا ذكر العلامة الآلوسي في تفسيره المشهور روح المعاني (٨ / ١٣٩) مع اختلاف يسير . فقال:
"ﻭﻋﻦ اﻟﻘﺸﻴﺮﻱ ﺃﻧﻪ ﻣﺮﺽ ﻟﻪ ﻭﻟﺪ ﺃﻳﺲ ﻣﻦ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﻓﺮﺃﻯ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻲ ﻣﻨﺎﻣﻪ ﻓﺸﻜﻰ ﻟﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﺫﻟﻚ ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ: اﺟﻤﻊ ﺁﻳﺎﺕ اﻟﺸﻔﺎء ﻭاﻗﺮﺃﻫﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻭ اﻛﺘﺒﻬﺎ ﻓﻲ ﺇﻧﺎء ﻭاﺳﻘﻪ ﻓﻴﻪ ﻣﺎ ﻣﺤﻴﺖ ﺑﻪ ﻓﻔﻌﻞ ﻓﺸﻔﺎﻩ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ، ﻭاﻷﻃﺒﺎء ﻣﻌﺘﺮﻓﻮﻥ ﺑﺄﻥ ﻣﻦ اﻷﻣﻮﺭ ﻭاﻟﺮﻗﻰ ﻣﺎ ﻳﺸﻔﻲ ﺑﺨﺎﺻﻴﺔ ﺭﻭﺣﺎﻧﻴﺔ ﻛﻤﺎ ﻓﺼﻠﻪ اﻷﻧﺪﻟﺴﻲ ﻓﻲ ﻣﻔﺮﺩاﺗﻪ، ﻭﻛﺬا ﺩاﻭﺩ ﻓﻲ اﻟﺠﻠﺪ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﺗﺬﻛﺮﺗﻪ، ﻭﻣﻦ ﻳﻨﻜﺮ ﻻ ﻳﻌﺒﺄ ﺑﻪ. ونقل عن السبكي رحمه الله تعالى أنه قال :ﻭﻗﺪ ﺟﺮﺑﺖ ﻛﺜﻴﺮا."
الاختلاف في تفسير الآية الرابعة :
إن تأملنا في آيات الشفاء المذكورة يتضح لنا أن الآية الرابعة أعني قوله تعالي :يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ .(النحل/69.) إنما يفيد كون العسل شفاء. فلا تناسب ذكره في سلك آيات الشفاء.و الحقيقة أن المفسرون اختلفوا في تعيين مرجع قوله تعالي «فيه شفاء للناس» فانظر ما قاله المفسرون في هذه الآية:
١. قال العلامة الطبري رح في تفسيره ١٧/٢٥٠ ﻭﻗﻮﻟﻪ (ﻓﻴﻪ ﺷﻔﺎء ﻟﻠﻨﺎﺱ) اﺧﺘﻠﻒ ﺃﻫﻞ اﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ﻓﻴﻤﺎ ﻋﺎﺩﺕ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﻬﺎء اﻟﺘﻲ ﻓﻲ ﻗﻮﻟﻪ (ﻓﻴﻪ) ، ﻓﻘﺎﻝ ﺑﻌﻀﻬﻢ: ﻋﺎﺩﺕ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺮﺁﻥ، ﻭﻫﻮ اﻟﻤﺮاﺩ ﺑﻬﺎ. * ﺫﻛﺮ ﻣﻦ ﻗﺎﻝ ﺫﻟﻚ: ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻧﺼﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ، ﻗﺎﻝ: ﺛﻨﺎ اﻟﻤﺤﺎﺭﺑﻲ، ﻋﻦ ﻟﻴﺚ، ﻋﻦ ﻣﺠﺎﻫﺪ (ﻓﻴﻪ ﺷﻔﺎء ﻟﻠﻨﺎﺱ) ﻗﺎﻝ: ﻓﻲ اﻟﻘﺮﺁﻥ ﺷﻔﺎء. ﻭﻗﺎﻝ ﺁﺧﺮﻭﻥ: ﺑﻞ ﺃﺭﻳﺪ ﺑﻬﺎ اﻟﻌﺴﻞ. * ﺫﻛﺮ ﻣﻦ ﻗﺎﻝ ﺫﻟﻚ: ﺣﺪﺛﻨﺎ ﺑﺸﺮ، ﻗﺎﻝ: ﺛﻨﺎ ﻳﺰﻳﺪ، ﻗﺎﻝ: ﺛﻨﺎ ﺳﻌﻴﺪ، ﻋﻦ ﻗﺘﺎﺩﺓ، ﻗﻮﻟﻪ (ﻳﺨﺮﺝ ﻣﻦ ﺑﻄﻮﻧﻬﺎ ﺷﺮاﺏ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﺃﻟﻮاﻧﻪ ﻓﻴﻪ ﺷﻔﺎء ﻟﻠﻨﺎﺱ) ﻓﻔﻴﻪ ﺷﻔﺎء ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻣﻦ اﻷﺩﻭاء، ﻭﻗﺪ ﻛﺎﻥ ﻳﻨﻬﻰ ﻋﻦ ﺗﻔﺮﻳﻖ اﻟﻨﺤﻞ، ﻭﻋﻦ ﻗﺘﻠﻬﺎ. ﺣﺪﺛﻨﺎ اﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻷﻋﻠﻰ، ﻗﺎﻝ: ﺛﻨﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺛﻮﺭ، ﻋﻦ ﻣﻌﻤﺮ، ﻋﻦ ﻗﺘﺎﺩﺓ، ﻗﺎﻝ: ﺟﺎء ﺭﺟﻞ ﺇﻟﻰ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﻓﺬﻛﺮ ﺃﻥ ﺃﺧﺎﻩ اﺷﺘﻜﻰ ﺑﻄﻨﻪ، ﻓﻘﺎﻝ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ: اﺫﻫﺐ ﻓﺎﺳﻖ ﺃﺧﺎﻙ ﻋﺴﻼ ﺛﻢ ﺟﺎءﻩ ﻓﻘﺎﻝ: ﻣﺎ ﺯاﺩﻩ ﺇﻻ ﺷﺪﺓ، ﻓﻘﺎﻝ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ: اﺫﻫﺐ ﻓﺎﺳﻖ ﺃﺧﺎﻙ ﻋﺴﻼ ﻓﻘﺪ ﺻﺪﻕ اﻟﻠﻪ ﻭﻛﺬﺏ ﺑﻄﻦ ﺃﺧﻴﻚ، ﻓﺴﻘﺎﻩ، ﻓﻜﺄﻧﻤﺎ ﻧﺸﻂ ﻣﻦ ﻋﻘﺎﻝ". ﺣﺪﺛﻨﺎ اﻟﺤﺴﻦ، ﻗﺎﻝ: ﺃﺧﺒﺮﻧﺎ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺯاﻕ، ﻗﺎﻝ: ﺃﺧﺒﺮﻧﺎ ﻣﻌﻤﺮ، ﻋﻦ ﻗﺘﺎﺩﺓ (ﻳﺨﺮﺝ ﻣﻦ ﺑﻄﻮﻧﻬﺎ ﺷﺮاﺏ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﺃﻟﻮاﻧﻪ ﻓﻴﻪ ﺷﻔﺎء ﻟﻠﻨﺎﺱ) ﻗﺎﻝ: ﺟﺎء ﺭﺟﻞ ﺇﻟﻰ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﻓﺬﻛﺮ ﻧﺤﻮﻩ. ﺣﺪﺛﻨﺎ اﺑﻦ ﻭﻛﻴﻊ، ﻗﺎﻝ: ﺛﻨﺎ ﺃﺑﻲ، ﻋﻦ ﺳﻔﻴﺎﻥ، ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﺇﺳﺤﺎﻕ، ﻋﻦ ﺃﺑﻲ اﻷﺣﻮﺹ، ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ، ﻗﺎﻝ: ﺷﻔﺎءاﻥ: اﻟﻌﺴﻞ ﺷﻔﺎء ﻣﻦ ﻛﻞ ﺩاء، ﻭاﻟﻘﺮﺁﻥ ﺷﻔﺎء ﻟﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﺼﺪﻭﺭ. ﺣﺪﺛﻨﻲ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺳﻌﺪ، ﻗﺎﻝ: ﺛﻨﻲ ﺃﺑﻲ، ﻗﺎﻝ: ﺛﻨﻲ ﻋﻤﻲ، ﻗﺎﻝ: ﺛﻨﻲ ﺃﺑﻲ، ﻋﻦ ﺃﺑﻴﻪ، ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ (ﻓﻴﻪ ﺷﻔﺎء ﻟﻠﻨﺎﺱ) اﻟﻌﺴﻞ. ﻭﻫﺬا اﻟﻘﻮﻝ، ﺃﻋﻨﻲ ﻗﻮﻝ ﻗﺘﺎﺩﺓ، ﺃﻭﻟﻰ ﺑﺘﺄﻭﻳﻞ اﻵﻳﺔ، ﻷﻥ ﻗﻮﻟﻪ) ﻓﻴﻪ) ﻓﻲ ﺳﻴﺎﻕ اﻟﺨﺒﺮ ﻋﻦ اﻟﻌﺴﻞ ﻓﺄﻥ ﺗﻜﻮﻥ اﻟﻬﺎء ﻣﻦ ﺫﻛﺮ اﻟﻌﺴﻞ، ﺇﺫ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻲ ﺳﻴﺎﻕ اﻟﺨﺒﺮ ﻋﻨﻪ ﺃﻭﻟﻰ ﻣﻦ ﻏﻴﺮﻩ.
٢. وقال العلامة الرازي رح في التفسير الكبير ٢٠/٢٣٩ ﻗﻮﻟﻪ: ﻓﻴﻪ ﺷﻔﺎء ﻟﻠﻨﺎﺱ ﻭﻓﻴﻪ ﻗﻮﻻﻥ:
اﻟﻘﻮﻝ اﻷﻭﻝ: ﻭﻫﻮ اﻟﺼﺤﻴﺢ ﺃﻧﻪ ﺻﻔﺔ ﻟﻠﻌﺴﻞ.
ﻭاﻟﻘﻮﻝ اﻟﺜﺎﻧﻲ: ﻭﻫﻮ ﻗﻮﻝ ﻣﺠﺎﻫﺪ ﺃﻥ اﻟﻤﺮاﺩ: ﺃﻥ اﻟﻘﺮﺁﻥ ﺷﻔﺎء ﻟﻠﻨﺎﺱ، ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺬا اﻟﺘﻘﺪﻳﺮ ﻓﻘﺼﺔ ﺗﻮﻟﺪ اﻟﻌﺴﻞ ﻣﻦ اﻟﻨﺤﻞ ﺗﻤﺖ ﻋﻨﺪ ﻗﻮﻟﻪ: ﻳﺨﺮﺝ ﻣﻦ ﺑﻄﻮﻧﻬﺎ ﺷﺮاﺏ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﺃﻟﻮاﻧﻪ ﺛﻢ اﺑﺘﺪﺃ ﻭﻗﺎﻝ: ﻓﻴﻪ ﺷﻔﺎء ﻟﻠﻨﺎﺱ ﺃﻱ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻘﺮﺁﻥ ﺣﺼﻞ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺷﻔﺎء ﻟﻠﻨﺎﺱ ﻣﻦ اﻟﻜﻔﺮ ﻭاﻟﺒﺪﻋﺔ، ﻣﺜﻞ ﻫﺬا اﻟﺬﻱ ﻓﻲ ﻗﺼﺔ اﻟﻨﺤﻞ. ﻭﻋﻦ اﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮﺩ: ﺃﻥ اﻟﻌﺴﻞ ﺷﻔﺎء ﻣﻦ ﻛﻞ ﺩاء، ﻭاﻟﻘﺮﺁﻥ ﺷﻔﺎء ﻟﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﺼﺪﻭﺭ.
ثم رده بقوله: ﻭاﻋﻠﻢ ﺃﻥ ﻫﺬا اﻟﻘﻮﻝ ﺿﻌﻴﻒ ﻭﻳﺪﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺟﻬﺎﻥ: اﻷﻭﻝ: ﺃﻥ اﻟﻀﻤﻴﺮ ﻓﻲ ﻗﻮﻟﻪ: ﻓﻴﻪ ﺷﻔﺎء ﻟﻠﻨﺎﺱ ﻳﺠﺐ ﻋﻮﺩﻩ ﺇﻟﻰ ﺃﻗﺮﺏ اﻟﻤﺬﻛﻮﺭاﺕ، ﻭﻣﺎ ﺫاﻙ ﺇﻻ ﻗﻮﻟﻪ: ﺷﺮاﺏ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﺃﻟﻮاﻧﻪ ﻭﺃﻣﺎ اﻟﺤﻜﻢ ﺑﻌﻮﺩ ﻫﺬا اﻟﻀﻤﻴﺮ ﺇﻟﻰ اﻟﻘﺮﺁﻥ ﻣﻊ ﺃﻧﻪ ﻏﻴﺮ ﻣﺬﻛﻮﺭ ﻓﻴﻤﺎ ﺳﺒﻖ، ﻓﻬﻮ ﻏﻴﺮ ﻣﻨﺎﺳﺐ. ﻭاﻟﺜﺎﻧﻲ: ﻣﺎﺭﻭﻯ ﺃﺑﻮ ﺳﻌﻴﺪ اﻟﺨﺪﺭﻱ: ﺃﻧﻪ ﺟﺎء ﺭﺟﻞ ﺇﻟﻰ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻭﻗﺎﻝ: ﺇﻥ ﺃﺧﻲ ﻳﺸﺘﻜﻲ ﺑﻄﻨﻪ ﻓﻘﺎﻝ: «اﺳﻘﻪ ﻋﺴﻼ» ﻓﺬﻫﺐ ﺛﻢ ﺭﺟﻊ ﻓﻘﺎﻝ: ﻗﺪ ﺳﻘﻴﺘﻪ ﻓﻠﻢ ﻳﻐﻦ ﻋﻨﻪ ﺷﻴﺌﺎ، ﻓﻘﺎﻝ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺼﻼﺓ ﻭاﻟﺴﻼﻡ: «اﺫﻫﺐ ﻭاﺳﻘﻪ ﻋﺴﻼ» ﻓﺬﻫﺐ ﻓﺴﻘﺎﻩ، ﻓﻜﺄﻧﻤﺎ ﻧﺸﻂ ﻣﻦ ﻋﻘﺎﻝ، ﻓﻘﺎﻝ: «ﺻﺪﻕ اﻟﻠﻪ ﻭﻛﺬﺏ ﺑﻄﻦ ﺃﺧﻴﻚ» ﻭﺣﻤﻠﻮا ﻗﻮﻟﻪ: «ﺻﺪﻕ اﻟﻠﻪ ﻭﻛﺬﺏ ﺑﻄﻦ ﺃﺧﻴﻚ» ﻋﻠﻰ ﻗﻮﻟﻪ: ﻓﻴﻪ ﺷﻔﺎء ﻟﻠﻨﺎﺱ ﻭﺫﻟﻚ ﺇﻧﻤﺎ ﻳﺼﺢ ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﻫﺬا ﺻﻔﺔ ﻟﻠﻌﺴﻞ.
٣. وقال العلامة الآلوسي رح في تفسيره المشهور روح المعاني ٧/٤٢٤ : ﻭﻧﻘﻞ ﻋﻦ ﻣﺠﺎﻫﺪ. ﻭاﻟﻀﺤﺎﻙ. ﻭاﻟﻔﺮاء، ﻭاﺑﻦ ﻛﻴﺴﺎﻥ ﻭﻫﻮ ﺭﻭاﻳﺔ ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ. ﻭاﻟﺤﺴﻦ ﺃﻥ ﺿﻤﻴﺮ ﻓﻴﻪ ﻟﻠﻘﺮﺁﻥ ﻭاﻟﻤﺮاﺩ ﺃﻥ ﻓﻲ اﻟﻘﺮﺁﻥ ﺷﻔﺎء ﻷﻣﺮاﺽ اﻟﺠﻬﻞ ﻭاﻟﺸﺮﻙ ﻭﻫﺪﻯ ﻭﺭﺣﻤﺔ، ﻭاﺳﺘﺤﺴﻦ ﺫﻟﻚ اﺑﻦ اﻟﻨﺤﺎﺱ.
ثم رده بنقل كلام القاضي ابن العربي رح فقال : ﻭﻗﺎﻝ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺃﺑﻮ ﺑﻜﺮ اﻟﻌﺮﺑﻲ: ﺃﺭﻯ ﻫﺬا اﻟﻘﻮﻝ ﻻ ﻳﺼﺢ ﻧﻘﻠﻪ ﻋﻦ ﻫﺆﻻء ﻭﻟﻮ ﺻﺢ ﻧﻘﻼ ﻟﻢ ﻳﺼﺢ ﻋﻘﻼ ﻓﺈﻥ ﺳﻴﺎﻕ اﻟﻜﻼﻡ ﻛﻠﻪ ﻟﻠﻌﺴﻞ ﻟﻴﺲ ﻟﻠﻘﺮﺁﻥ ﻓﻴﻪ ﺫﻛﺮ، ﻭﺭﺟﻮﻉ اﻟﻀﻤﻴﺮ ﻟﻠﻜﺘﺎﺏ ﻓﻲ ﻗﻮﻟﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ: ﻭﻣﺎ ﺃﻧﺰﻟﻨﺎ ﻋﻠﻴﻚ اﻟﻜﺘﺎﺏ ﺇﻻ ﻟﺘﺒﻴﻦ ﻟﻬﻢ اﻟﺬﻱ اﺧﺘﻠﻔﻮا ﻓﻴﻪ ﻣﻤﺎ ﻻ ﻳﻜﺎﺩ ﻳﻘﻮﻟﻪ ﺃﻣﺜﺎﻝ ﻫﺆﻻء اﻟﻜﺮاﻡ ﻭاﻟﻌﻠﻤﺎء اﻷﻋﻼﻡ. ﻧﻌﻢ ﻛﻮﻥ اﻟﻘﺮﺁﻥ ﺷﻔﺎء ﻣﻤﺎ ﻻ ﻛﻼﻡ ﻓﻴﻪ، ﻭﻗﺪ ﺃﺧﺮﺝ اﻟﻄﺒﺮاﻧﻲ. ﻭﻏﻴﺮﻩ ﻋﻦ اﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮﺩ «ﻋﻠﻴﻜﻢ ﺑﺎﻟﺸﻔﺎءﻳﻦ اﻟﻌﺴﻞ ﻭاﻟﻘﺮﺁﻥ. اھ
أخيرا أقول إن ظاهر هذه الآية وإن تدل علي العسل لكنه لا يشك أحد أن هذه جزء من القرآن والسلف إنما يتعاملون بآيات الشفاء نظرا لما ورد في الآية من لفظ الشفاء تمسكا بخواص القرآن ورجاء برحمة ﷲ عز وجل
قال العلامة الزركشي رحمه الله بعد ذكر هذه الآيات في البرهان في علوم القران تحت النوع السابع و العشرين: «معرفه خواصه»(١\٤٣٦ - ٤٣٧) : ﻫﺬا اﻟﻨﻮﻉ ﻭاﻟﺬﻱ ﻗﺒﻠﻪ ﻟﻦ ﻳﻨﺘﻔﻊ ﺑﻪ ﺇﻻ ﻣﻦ ﺃﺧﻠﺺ ﻟﻠﻪ ﻗﻠﺒﻪ ﻭﻧﻴﺘﻪ ﻭﺗﺪﺑﺮ اﻟﻜﺘﺎﺏ ﻓﻲ ﻋﻘﻠﻪ ﻭﺳﻤﻌﻪ ﻭﻋﻤﺮ ﺑﻪ ﻗﻠﺒﻪ ﻭﺃﻋﻤﻞ ﺑﻪ ﺟﻮاﺭﺣﻪ ﻭﺟﻌﻠﻪ ﺳﻤﻴﺮﻩ ﻓﻲ ﻟﻴﻠﻪ ﻭﻧﻬﺎﺭﻩ ﻭﺗﻤﺴﻚ ﺑﻪ ﻭﺗﺪﺑﺮﻩ ﻫﻨﺎﻟﻚ ﺗﺄﺗﻴﻪ اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺟﺎﻧﺐ ﻭﺇﻥ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺑﻬﺬﻩ اﻟﺼﻔﺔ ﻛﺎﻥ ﻓﻌﻠﻪ ﻣﻜﺬﺑﺎ ﻟﻘﻮﻟﻪ ﻛﻤﺎ ﺭﻭﻱ ﺃﻥ ﻋﺎﺭﻓﺎ ﻭﻗﻌﺖ ﻟﻪ ﻭاﻗﻌﺔ ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ ﺻﺪﻳﻖ ﻟﻪ ﻧﺴﺘﻌﻴﻦ ﺑﻔﻼﻥ ﻓﻘﺎﻝ ﺃﺧﺸﻰ ﺃﻥ ﺗﺒﻄﻞ ﺻﻼﺗﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﺪﻣﺖ ﻫﺬا اﻷﻣﺮ ﻭﻗﺪ ﺻﻠﻴﺘﻬﺎ ﻗﺎﻝ ﺻﺪﻳﻘﻪ ﻭﺃﻳﻦ ﻫﺬا ﻣﻦ ﻫﺬا؟ ﻗﺎﻝ ﻷﻧﻲ ﻗﻠﺖ ﻓﻲ اﻟﺼﻼﺓ {ﺇﻳﺎﻙ ﻧﻌﺒﺪ ﻭﺇﻳﺎﻙ ﻧﺴﺘﻌﻴﻦ} ﻓﺈﻥ اﺳﺘﻌﻨﺖ ﺑﻐﻴﺮﻩ ﻛﺬﺑﺖ ﻭاﻟﻜﺬﺏ ﻓﻲ اﻟﺼﻼﺓ ﻳﺒﻄﻠﻬﺎ ﻭﻛﺬﻟﻚ اﻻﺳﺘﻌﺎﺫﺓ ﻣﻦ اﻟﺸﻴﻄﺎﻥ اﻟﺮﺟﻴﻢ ﻻ ﺗﻜﻮﻥ ﺇﻻ ﻣﻊ ﺗﺤﻘﻖ اﻟﻌﺪاﻭﺓ ﻓﺈﺫا ﻗﺒﻞ ﺇﺷﺎﺭﺓ اﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﻭاﺳﺘﻨﺼﺤﻪ ﻓﻘﺪ ﻛﺬﺏ ﻗﻮﻟﻪ ﻓﺒﻄﻞ ﺫﻛﺮﻩ.اھ
تعريف الشيخ أبي القاسم القشيري : (من سير أعلام النبلاء ١٨\٢٢٧)
هو الإمام الزاهد ، القدوة ، الأستاذ أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك بن طلحة القشيري ، الخراساني ، النيسابوري ، الشافعي ، الصوفي ، المفسر ، صاحب " الرسالة " . ولد سنة خمس وسبعين وثلاثمائة . وكان عديم النظير في السلوك والتذكير ، لطيف العبارة ، طيب الأخلاق ، غواصا على المعاني ، صنف كتاب " نحو القلوب " ، وكتاب " لطائف الإشارات " وكتاب " الجواهر " ، وكتاب " أحكام السماع " ، وكتاب " عيون الأجوبة في فنون الأسولة " ، وكتاب " المناجاة " ، وكتاب "المنتهى في نكت أولي النهى " . قال القاضي ابن خلكان : كان أبو القاسم علامة في الفقه والتفسير والحديث والأصول والأدب والشعر والكتابة . صنف " التفسير الكبير " وهو من أجود التفاسير ، وصنف " الرسالة " في رجال الطريقة ، وحج مع الإمام أبي محمد الجويني ، والحافظ أبي بكر البيهقي . وسمعوا ببغدادوالحجاز . و مات رحمه ﷲ سنة ٤٦٥ھانظر مقالة ذات صلة معرفة خواص القرآن
কোন মন্তব্য নেই